هل جربت أن تسأل أحدًا عن تصوّره للفرج؟
عادة ما تنطوي الإجابة على أمثلة وقصص فيها تغييرات كُبرى، أو انتظار لمحطات تحوّل تنقل الحياة لهيئة مغايرة تمامًا!
لكنني منحازة لنظرة أكثر شمولية عن الفرج، أتذكّرها كلما قرأت قوله -عز وجل-: “ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها”
إذن، خزائن الله ملأى بصنوف من الرحمة والفرج ولا تقتصر على صورة دون غيرها.
وهذا مما أدركته عميقًا بعدما مررت بشدّة، أظلمت الدُّنيا في عيني بعدها، وعشت كربًا جعل من كل آلامي السابقة أمامه “مزحة”، وبتّ أمضي الأيام ذاهلة عمّا فيها، بلا انتباه أو تركيز، أتفه الأشياء تُدخلني في نوبة بكاء شديدة، كنت حينها أحمل قلبًا مُثقلًا، وكان ذلك متجليًّا في كل حركة أو سكنة.
ومضى الوقت، لم أحاول كبح مشاعري، لأن خسارتي كانت فادحة، وكان لا بدّ من حداد، أُعطى فيه الحق بالأسى، لأن تكلفة إدّعاء خلاف ذلك أكبر.
وفي يوم ماطر، احتجت خدمة معيّنة، وعلى حين غرّة وبلحظة غير مخطط لها، سيق إلي من يساعدني، لم أحتج سوى أن أكون في مكان ما في ساعة معينة، لم أتمالك نفسي، ولا شيء يكفي لوصف مشاعري آنذاك، خرجت وتأملت السماء طويلاً، وبكيت كثيرًا، وأثنيت على الله أكثر..
موقف عابر، تيقنت بسببه، من شيء أكرره ببداهة العالِم بالشيء لا المُختبِر؛ استشعاري أن الله جل في علاه، بيده ملكوت السماوات والأرض، وأن ما من رزق لي إلا وسيأتيني على ضعفي، وما لم يُكتب لي، لو أفنيت عمري ووقتي ومشاعري في سبيل الحصول عليه لما نلته.
« فَلََم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللَهِ حُكماً
وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا »
هُنا فرج رحب، على مستوى الإدراك والفكر، لاحظ معي، الظرف ما زال قائمًا، لم يتغيّر شيء على المستوى المادي، لكن هناك نظرة وطريقة تعامل اختلفت ١٨٠ درجة، فكان كل ما بعدها أخف وطأة وأقل ألمًا.
الفرج تلك العصا السحرية، القادرة على تحويل القلب الضيق الحرج، إلى الساكن المنشرح، جند من جنود رحمة الله ينزله على عباده فيسكن الفؤاد بعدما عانى الاضطراب زمنًا.
أتعلم أن في انتظار الفرج تمهيدًا للفرج؟
انتظاره فن يجب توطين النفس عليه، فلا مفر من شدائد ستعصف بنت بينما نحيا على ظهر الأرض، والإيمان في عمق الوجع أن لا عسر سيغلب يسرين، سبيل للسير بلا قلق مرضي أو خوف مقعد، وفي الذهن جملة واحدة تتردد ” الله لطيف بي، عليم بخفايا الأمور، يُحسن لي من حيث لا أحتسب”.
هذا اللطف بما فيه من تيسير قد يخفى ظاهرًا، لكنه نافذ في كل تفاصيل الحياة، يجعل ديدن الإنسان الثناء على الله في جميع أحواله، ويخرجه من ضيق أفق الأسباب الدنيوية، إلى رحاب الفضل والجود التي لا قيد لها ولا حد، فلا تفتح الأبواب المغلقة فحسب، بل تجعله يبصر أبوابًا لم يكن يعي بوجودها حتى!